فلسفة الجمال من "جورجياس" إلى "جوتليب بومجارت".
كان سؤال
الجمالEsthétique مركز النظريات الجمالية في الفلسفة منذ العصور
الكلاسيكية القديمة، فقال "السوفسطائيون"
مثلا إنه لا يوجد جميل بطبيعته، بل يتوقف الأمر على الظروف وعلى أهواء الناس وعلى
المستوى الثقافي والأخلاقي. وقال "الفيتاغوريون"
إن الجمال يقوم على النظام والسيمترية أي التماثل وعلى الإنسجام. وأشار "ديمقريطس" إلى أن الجمال هو المتوازن أو
المعتدل. وربط "سقراط" الجمال بالخير
ربط تاماً وكذلك بالنافع أو المفيد. وتناول "أفلاطون"
الجمال في ثلاث محاورات على نحو خاص هي: ( هبياس الأكبر، وفايدروس، والمأدبة )
واعتبر الجميل صورة عقلية، مثل صورة الحق أو الخير. وأكد تلميذه "أرسطو" أن هناك ثلاثة مكونات أساسية للجمال
هي الكلية والتآلف والإشعاع أو النقاء. أما "القديس
سان أوغستين" فكان يرى أن الجمال يقوم في الوحدة في المختلفات،
والتناسب العددي، والانسجام بين الأشياء، لذلك فالجميل هو ما هو ملائم لذاته.
وخلال القرون الوسطى عرف القديس "توماس الأكوني"
الجميل على أنه ذلك الذي ، لدى رؤيته يسر،
وأنه يسر لمحض كونه موضوع للتأمل، سواء عن طريق الحواس أو داخل الذهن ذاته. ومع
عصر النهضة انبعث علم الجمال من جديد باعتباره أحد الأنظمة المعرفية المعيارية،
التي هي علم الأخلاق والمنطق والجماليات. وتمثلها بعد ذلك "الرومانتيكيون" بوصفها تجلياً للإرادة أو الشعور، اللذين
يتجددان ذاتياً من خلال كل مشاهدة للجمال. وأما "الطبيعيون"
فاكتشفوه في التوافق والاتفاق البارع مع الطبيعة. ومع "الواقعين"
أصبح الجمال موجوداً في الموضوع الجمالي وكذلك الوعي الذي يدرك هذا الموضوع
أيضاً. بينما تصور "كانط" النشاط
الجمالي باعتباره نوعاً من اللعب الحر للخيال العبقري، وأكد على تجرد الحكم
الجمالي من الهوى النفعي، وتحرره من التفكير المنطقي. وأرجع "هيجل" الجمال إلى إتحاد الفكرة بمظهرها
الحسي. ونظر "شوبنهور" إليه على أنه
محرر العقل وذلك الذي يسمو بنا إلى لحظة تعلو على الرغبة وتتجاوز حدود الإشباع...
وبدءا من القرن الثامن عشر ظهر علم الجمال أو الإستاطيقا مصطلحاً لأول مرة مع "جوتليب بومجارتن" ( 1714- 1762 )، وأصبح هذا
العلم يحاول وصف وفهم وتفسير الظواهر الجمالية والخبرة الجمالية، كان ولع بومجارتن
بالشعر خاصة، والفنون بصفة عامة، جعله يعيد تعريف حدود هذا الموضوع على أنه نظرية
الفنون العملية، أو علم المعرفة الحسية.
إنه ذلك الفرع الذي نشأ في حضن الفلسفة وترعرع وبلغ أشده في ظلالها ثم جاءت فروع
معرفية أخر بعد ذلك، كي تنعم بهذه ظلال وتساهم في سقاية هذه الشجرة وأن تضيف إليها
فروع جديدة. هذه الكلمة ظلت تستخدم، كما ظلت أنواع خاصة من المشاعر خاصة بها، نشعر
بها، عندما تقال أو عندما تُسمع أو تقرأ. وقد يكون الجمال بصرياً في الأساس أو
سمعياً، ثم يمتد ليشمل جسد الفرد كله. ففي المجتمعات الإسلامية مثلا يشكل هذا
الجسد عورة ومن الأجدر به أن يحفظ ويُستر لا أن يُرسم، هته النظرة جعلت الفن
الإسلامي يركز على استقلال اللون وقوة الزخرفة سواء في الزواقة أو التوريق أو
العمارة أو المنمنمات وصفاء الأشكال والخط والحرف بتنوع مواردها من حجر ومعادن
ونحاس وجلد وورق وحرير، أكثر مما يركز على إبراز مفاتن الجسد الإنساني وخباياه.
وإذا برز الجسد في العمل الفني، فإنما يبرز بوضع تشكيلي يشبه الرسم الأيقوني
مشدداً على رمزية الصورة أكثر من جمالها. فما معنى أن تكون جميلاً في المجتمع
المعاصر؟ هذا السؤال من الصعوبة بمكان أن نقدم جواب جامع وشامل عليه، لأن معايير
الجمال تختلف من فرد لفرد ومن جماعة إلى أخر.
وعموماً فقواعد معيارية الجمال تتحقق
عبر نسق من الأعضاء هذا النسق يرتبط بالانطباع الفردي والجماعي الذي يشكله الناس
عن موضوع الجمال، ووجب الإشارة إلى أنه رغم عدم تأصل موضوع وقيمة الجمال في المرأة
والإنسان عموماً إلا أن النساء استطعن حيازة صفات تعمل في النقطة الفاصلة بين ذلك
الذي يملك الجمال والذي لا يمتلكه، هذه الخاصية تنتزع من خلال الاعتراف الاجتماعي،
فجمال الرجل لا نتحدث عنه كثيراً لأن جماله خاص ويوجد في عيون المرأة التي تحبه
فقط، أما جمال المرأة فهو جمال عام كل الرجال عندهم خطاطة واضحة حول معاييره وأصنافه
وأشكاله. ولنا في القصيدة الشعرية الحرة لشاعر الفليسطني محمود درويش بعنوان الجميلات هن الجميلات2 خطاطة واضحة عن معايير
الجمال...
ليبقى الجمال مرتبط بتقويمات المظهر الجسدي، في مقابل خلخلة مفهوم الجمال الذي جاء
به التصور الفلسفي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1لوحة ربيع ولادة فينوس وهي لوحة الرسام ساندرو بوتيتشيلي يصور فيها الإلهة فينوس (إلهة الحب والجمال في الأساطير الإغريقية) بعد أن خرجت من البحر كأمرأة نمت بشكل كامل، وصولا إلى شاطئ البحر على صدفة دفعتها الرياح إلى البر وسط شلال إحتفالي من الأزهار والورود المذهبة، وعندما لامست قدمها الأرض استقبلتها إحدى الحوريات بعباءة أرجوانية اللون لتغطي عريها رمز الغموض ورسالة الجمال الإلهي الذي إنتقل إلى أهل الأرض.
2 محمود درويش ولد في 13 مارس 1941 وتوفي في 9 أغسطس 2008. أحد أهم شعراء الفلسطنيين والعرب الذين ارتبط أسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر أحد أبرز من ساهم في تطوير خالشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر. ومن أعماله ديوان محمود درويش _ ذاكرة النسيان _ حيرة العائد _ كزهر اللوز أو أبعد...
1لوحة ربيع ولادة فينوس وهي لوحة الرسام ساندرو بوتيتشيلي يصور فيها الإلهة فينوس (إلهة الحب والجمال في الأساطير الإغريقية) بعد أن خرجت من البحر كأمرأة نمت بشكل كامل، وصولا إلى شاطئ البحر على صدفة دفعتها الرياح إلى البر وسط شلال إحتفالي من الأزهار والورود المذهبة، وعندما لامست قدمها الأرض استقبلتها إحدى الحوريات بعباءة أرجوانية اللون لتغطي عريها رمز الغموض ورسالة الجمال الإلهي الذي إنتقل إلى أهل الأرض.
2 محمود درويش ولد في 13 مارس 1941 وتوفي في 9 أغسطس 2008. أحد أهم شعراء الفلسطنيين والعرب الذين ارتبط أسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر أحد أبرز من ساهم في تطوير خالشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر. ومن أعماله ديوان محمود درويش _ ذاكرة النسيان _ حيرة العائد _ كزهر اللوز أو أبعد...