كـيـف تـطـور الـصـيـد بـالـقـصـبـة؟
إذا كان الصيد في وقتنا الحالي يمارس بطرق وتقنيات ومعدات متنوعة, وإذا كان الصيد الآن يتنوع بين الشغل والهواية, فإن التساؤل الذي يطرح نفسه هو متى كانت البداية الأولى للصيد؟ وكيف تطور الصيد ليصبح على ما عليه الآن؟
![]() |
لابد أن لكل ابتكار بداية, وإذا كنا نعرف بدايات بعضها فإن بداية الصيد ترجع إلى
غابر الأزمنة والبداية الأولى للإنسان على وجه الأرض*1. ولذلك من الصعب جدا تحديد تاريخ دقيق لبداية تعاطي الانسان
للصيد. وأول كتابة تاريخية تتحدث عن ممارسة الصيد ترجع إلى القرن الثاني, حيث أشار
إليها الكاتب الروماني "كلوديوس أليانوس" CLAUDIUS AELIANUS 2* . لكن لا
توجد أي كتابة تتناول بالتوثيق آلاف السنين السابقة وكيف حافظ الإنسان على بقائه
بالاعتماد على القنص والصيد وجمع الثمار. كما لا تتوفر وثائق تؤرخ لتلك الحقبة من
التاريخ لغياب الكتابة أصلا, ولكن بعض الآثار الأركيولوجية ( رماح من العظام أو
القرون ) التي عُثر عليها, تؤكد أن الانسان استوطن أماكن مختلفة من بينها ضفاف
الأنهار والبحار والمحيطات. والبقايا التي خلفها ذلك الإنسان لا تترك مجالا للشك
بأنه كان يقتات على بعض الأطعمة النهرية والبحرية, وأنه مارس القنص والصيد, ورسوم
بعض الأسماك المنحوتة على أحجار بعض المغارات تدعم ذلك.
![]() |
زخرفة حجرية للمجموعة من أنواع الأسماك بموقع وليلي الأثري |
3 - أُحل لكم صيد البحر وطعامهُ متاعاً لكم وللسيارة:
من الثابت أن الصيد كان
يشكل نشاط أساسيا في الحضارة المصرية وبحكم اعتمادها على نهر النيل, في مقابل
الحضارة المصرية التي ارتبطت بالنيل, فإن الحضارة اليونانية ارتكزت أساسا على
النشاط البحري بحكم موقعها الجغرافي وريادة اليونان في صناعة السفن, وبحكم الثروات
السمكية بمختلف أنواعها التي يزخر بها البحر الأبيض المتوسط. وهكذا نجد الإليادة
والأوديسة "لهوميروس" إشارة إلى الصيد والصيادين, كما أن
الفيلسوف "أرسطو" عدد ما لا يقل عن 1153* نوعا من السمك.
يتضح أن الحضارات
الانسانية القديمة ارتبطت بالمياه نهرية كانت أم بحرية. وفي القرآن الكريم أيضا ذكر الصيد البحري {
بسم الله الرحمن الرحيم أُحل لكم صيد البحر وطعامهُ متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله
الذي إليه تحشرون. صدق الله العظيم}. سورة المائدة الآية 95 .
سنة 1653 صدر كتاب
بإنجلترا يصنف الأسماك والمعدات والطعوم والتقنيات, ويشكل مؤلَف "اسحاق
والتون" IZAAC WALTON الصادر تحت عنوان الصياد
المثالي*
4 مرجعا كاملا وأول كتابة وافية عن الصيد. وفي سنة 1818 وضع * KRESZ AINE 5 صانع لوازم الصيد قواعد لما يمكن اعتباره الآن الصيد الرياضي
سواء بالطعوم الاصطناعية أو الطبيعية.
في القرن 20 وبفضل
التطور العلمي والتقني تطورت أيضا معدات الصيد ففي سنة 1948 ظهر النموذج الأول
للبكرة الآلية التي نستعملها الآن. أما بخصوص القصب فإن أولى القصبات العصرية ظهرت
سنة 1940 وذلك بتجميع وإلصاق القطع الطويلة الصلبة من القصب النباتي الطبيعي. وبقي
استعمال القصب الطبيعي سائدا حتى حدود سنة 1940 حيث ظهر القصب المصنوع من
الألومينيوم والذي حل محل القصب المصنوع من ألياف الزجاج. ورغم أن الكربون ظهر سنة
1970 إلا أنه لم يدخل في تصنيع قصب الصيد إلا في نهاية الثمانينات. نفس التطور
شهدته صناعة الصنارات التي ابتدأت بالعظام
والمعادن وصولا لصنارات الكربون. ونفس التطور عرفته خيوط الصيد التي انطلقت من شعر
الخيول والحرير أو بعض النباتات الطبيعية المفتولة لتصل إلى النيلون الذي ابتكر سنة 1942 على
يد "ديبون دي نومور" DUPONT DE NEMOURS , ثم الخيوط الضفيرة وخيوط
الفليوروكربون.
ما يمكن استنتاجه من خلال استعراض مختلف مراحل تطور ممارسة الإنسان للصيد أن أدوات واللوازم والتقنيات تواكب التطور العلمي والتقني السائد في كل حقبة تاريخية, وليس أدل على ذلك من التطور الهائل الذي تعرفه معدات ولوازم الصيد حاليا والتي تسير بنفس وثيرة التقدم التقني في مجالات أخرى, مع توظيف البرمجيات المعلوماتية في ابتكار والتصميم والتصنيع والانتاج والإشهار. كما تطورت وتنوعت أساليب وتقنيات الصيد, وأصبحنا نعيش عصر التخصص وكل تخصص يستهدف أنواع معينة من الأسماك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - Alimentarium.org L’histoire de la pêche.
2 - Toqueur-randonneur. Article la pêche
en 20000 ans d’histoire.
3 - Quelques préjugés d’Aristote en ichtyologie/ Simon bly et Sarah schools.
4 - Le parfait pécheur a la ligne Izaak Walton traduit de l’anglais par Patrick
Reumaux.
5 - KRESZ AINE Le pécheur Français.
6 - الصيد الشاطئي مبادئ وتقنيات, عبد الناصر المنجد.
.
ردحذف